قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن التعدد الديني والاختلاف المذهبي إرادة إلهية وسنّة كونية؛ لا ينبغي أن يكون سببًا للعداء أو الصراع بين أتباع الأديان. كما أن التعدد المذهبي بين أتباع الدين الواحد هو باب للتيسير على الناس وليس لإيقاع الشقاق والعداء، أو مدخلًا للنزاع والاقتتال في محاولة لفرض مذهب بعينه على الناس فرضا.
ذلك ما أكده وكيل الأزهر في كلمة له بعنوان (تعزيز التعايش السلمي والمواطنة المشتركة) ألقاها في اليوم الثاني لمؤتمر "حوار السلام" الذي بدأت فعالياته في العاصمة النمساوية فيينا، بدعوة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار (كايسيد)، وبمشاركة قيادات دينية رفيعة المستوى في المنطقة العربية.
وأضاف أن الأزهر يؤمن إيمانا تاما بأحقية كافة البشر في العيش بسلام وأمان مهما اختلفت دياناتهم وتعددت أعراقهم، وهو على يقين بإمكانية العمل المشترك في ظل اختلاف العقائد وتنوع الثقافات، انطلاقا من القيم الإنسانية المشتركة التي لا تختلف بين أتباع الديانات والثقافات. مشيرا إلى أن الأزهر أنشأ في عام 2011 (بيت العائلة المصرية) الذي يجمع الكنائس المصرية والأزهر في كيان وطني واحد يقع مقره في قلب مشيخة الأزهر، ويتناوب على رئاسته شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية، وتتفرع عنه لجان للتعليم والإعلام والمرأة والشباب وغيرها.
وتابع قائلا: إيمانًا من الأزهر بإمكانية العمل المشترك بين أتباع الديانات المختلفة، بل أتباع الحضارات الإنسانية جميعا، يقود شيخ الأزهر بنفسه حوارات فكرية راقية مع الكنائس الغربية والشرقية على السواء، وقام بزيارات لكنيسة كانتربري ومجلس الكنائس العالمي وحاضرة الفاتيكان، واستقبل وفودًا تمثل مختلف الديانات والثقافات، إلى جانب تنظيم ملتقيات وورش عمل من طرف مركز الأزهر لحوار الأديان، وكل ذلك من أجل إرساء مبادئ العيش المشترك وقبول الآخر، وتعزيز ثقافة الحوار، وترسيخ قيم المواطنة والتعايش السلمي والتعددية الفكرية.
وقال الدكتور شومان إن أتباع الديانات الإبراهيمية تتفق جميعا على أهمية السلام بين البشر، وتجرم كل صور الاعتداء على الإنسان مهما كان دينه أو موطنه، فما من جرم أعظم من قتل النفس البشرية التي هي بنيان الرب وصنعته، وديننا الإسلامي الحنيف يجعل قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعًا، يقول الله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
وأوضح وكيل الأزهر أن على المؤتمر الخروج بتوصيات عملية قابلة للتطبيق على الأرض، تدعم التعايش السلمي والمواطنة المشتركة، وتخفف من وطأة الاقتتال، بل تنهي النزاعات والحروب وما تخلفه من خراب ودمار في كثير من بلاد العالم، ولا سيما في منطقتنا العربية المنكوبة التي تحولت بفعل فاعلين لم يعودوا مجهولين إلى مسرح كبير للصراعات والنزاعات الدولية، وحقل تجارب وسوق رائجة لكل أنواع الأسلحة المستحدثة.
م.ب
فيينا - يونا