إذا نظرت إلى الصورة المرفقة مع هذا التقرير فستجد أنها تتحرك، هذا ما يطلق عليه العلماء «الخداع البصري»، ولكن الأمر ليس محصورا بالبصر، كما توصلت إليه دراسة حديثة، بل بجزء غير مكتشف حتى الآن من الدماغ.
ونقلا عن صحيفة الوطن فقد أكد العلماء في الدراسة التي نشرت في مجلة JNeurosci العلمية أن المخ يرسل من مكان غير معروف إشارات إلى العين، كي تركز على نقطة محددة لإعطاء تصور نهائي عن الشيء الذي نشاهده، وبما أن الخطوط كثيرة والنقاط متعددة في الصورة، فإنه يصعب تحديد تلك النقطة، وبالتالي فإنك تراها تتحرك وهي على العكس ثابتة تماما.
الخداع الحركي
تمحورت الدراسة حول الخداع الحركي Pinna-Brelstaff: وهو عبارة عن سلسلة من الخطوط السميكة المنظمة في دوائر متحدة المركز وتبدو وكأنها تدور، عندما يحرك المشاهد رأسه إلى الأمام والخلف.
قام العلماء باختبار كيف تقوم أجزاء الدماغ، التي تساعدنا على معرفة التصور الحركي المدمج كليهما المعلومات البصرية الخداعية والحقيقية من أجل إنشاء انطباع بأن الصورة تتحرك، وهذا مكّنهم من اكتشاف الخلايا التي تظهر من أجل إدراك الخداع بشكل مماثل إلى تحرك الجسم، ويبدو أن القردة في الاختبارات التي أجريت كذلك تشعر بالخداع بهذه الطريقة. بالنسبة للدراسة، فقد ضمت 9 عينات بشرية (7 ذكور و2 إناث) تتراوح أعمارهم ما بين 22 إلى 30 عاما، وتم عرض سلسلة من الخدع الحركية على مجموعة من القردة، التي دربت على اكتشاف الفرق بين خداع Pinna-Brelstaff، الذي لا يتحرك وتلك التي بدت وكأنها تتحرك. وكان العلماء يستخدمون في الدراسات السابقة آلية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لتصوير الدماغ، وذلك بهدف تحديد الجزء من الدماغ الذي يجعل من الصورة وكأنها تتحرك. في هذه المرة، اكتشف الباحثون وجود فجوة استيعاب تبلغ حوالي 15 جزءا من الثانية من قِبل الخلايا العصبية في الثلم المركزي للمخ، التي تعتبر مهمة لرؤية الحركة البصرية، وساعدت على جعل الصورة الثابتة تعود للحياة مرة أخرى.
أمر غير مفهوم
يقول الدكتور إيان ماكس أندولينا في معهد علم الأعصاب، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم: «استكشاف العالم يتطلب من أدمغتنا أن تكون قادرة على حساب الاتجاه الذي نحو نمضي قدما، وهذا أمر ضروري في حياتنا اليومية. كي يتم القيام بذلك، يجب على معلومات الحركة أن تكون مجمعة من كل نقطة في المساحة التي تحيط بنا، ويتم فهمها بشكل فعّال، ولكن كيفية حدوث ذلك ليست مفهومة جيدا.
وأضاف: «استخدمت دراستنا خداعا شهيرا وذلك من أجل دراسة كيف لهذه المعلومات أن يتم جمعها من قبل الدماغ، خداع The Pinna يقوم بشكل دقيق على إنتاج التحيزات المحلية، وعلى خلاف الخدع الأخرى فإن بالإمكان التحكم بهذه التحيزات».
وأضاف: «بإمكاننا الآن أن نقول إن القردة لا ترى الخدع مثلنا فقط، وإنما بحجم شخصي مماثل كذلك».
دراسات مستقبلية
في المستقبل، يطمح العلماء في اكتشاف الجزء من الدماغ المسؤول عن إنتاج التصور النهائي، كما قال أندولينا، ولكن هذا الأمر غير مرجح في المستقبل القريب.
وأضاف: «مع التكنولوجيات الحالية لا نستطيع حل هذا اللغز، حيث إنه يتطلب متابعة النشاط العصبي في جميع أرجاء الدماغ بدقة مكانية عالية جدا».
هذه هي أحدث دراسة لاستكشاف الفروقات بين الواقع وكيف نراه.
في العام الماضي، واكتشف العلماء أن تخيل جسم ما أثناء سماعك لصوت معين قد يغير من طريقة سماعك لهذا الصوت، وتم نشر هذه الدراسة أيضا في مجلة Psychological Science المعنية بدراسة العلوم النفسية.