انطلقت في فيينا فعاليات الندوة الحوارية العالمية حول حقوق الجار بعنوان: (محبة الجار)، وعلاقة ذلك بالتعاليم الدينية والتقاليد المتنوعة، التي نظَّمها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بمناسبة (أسبوع الأمم المتحدة للوئام العالمي بين الأديان)؛ على هامش اجتماع مجلس إدارته الاعتيادي العشرين وفعاليات الدورة الثالثة لمنتداه الاستشاري السنوي؛ لتعزيز التواصل والتعارف والتعاون بين البشر، من خلال ترسيخ القيم الدينية في أماكن العبادة والمدارس والأسر والإعلام، والتعرف على القيم والتعاليم الدينية المتنوعة بمشاركة المؤسسات الدينية النمساوية ومسؤولي المنظمات الدولية ومجموعة من السفراء المعتمدين في النمسا، ومتحدثين من دول عربيه وأوروبية، ومشاركة أعضاء مجلس إدارة المركز، وما يزيد عن (30) من أعضاء المنتدى الاستشاري للمركز، المكوَّن من أديان وثقافات متنوعة، مختصين في شؤون الحوار بين الأديان والثقافات المتنوعة، موزعين بين كل قارات العالم ويمثلون الأديان والثقافات الرئيسة المشاركة في المنتدى الاستشاري.
وركّزت هذه الندوة الدولية على القيم التي تتفق فيها جميع الأديان والثقافات، لاسيما الحاثة منها على حفظ حقوق الجوار؛ لترسيخ العيش المشترك واحترام الآخر تحت مظلة المواطنة المشتركة؛ وتحقيق التواصل والتكافل بين أفراد المجتمع الواحد بصرف النظر عن اختلاف الدين أو النوع أو الجنس، أو اللغة وغيرها من الاختلافات التي توجد عادة بين البشر؛ وحثت على القيام بواجبات الجار، وما يتبعه من سلوكيات وتطبيقات إنسانية راقية تتمثَّل في إبداء الاحترام والرحمة، وبناء جسور التواصل السَّلام، ورؤية الآخرين على قدم المساواة، والاحتفاء بقيمة القيم الإنسانية وجمالها، التي تشكِّل صميم إيمان المركز العالمي للحوار وقيمه الأساسية، بعدما ضغطت الأحداث العالمية بشكل مأساوي في الآونة الأخيرة على البشرية كافة، والتي شهدت إساءة استخدام للدين والسياسة الداعية للتفرقة، ونشر الكراهية وتدمير التعايش السلمي، تحديات كبيرة أمام الكثيرين الساعين إلى التمسك بهذا المبدأ.
وأجابت الندوة الحوارية العالمية: (محبة الجار)، عن عدد من الأسئلة الإنسانية النوعية، مثل: كيف تحب جارك عندما تخاطر بحياتك؟ كيف تحب جيرانك، عندما تحتم عليك هذه المحبة أن تغفر لهم الفظائع التي ارتكبوها في حقك أنت وعائلتك؟ كيف تحب جارك عندما تخبرك جميع أشكال الدعاية والقوة أن جارك هو الشر الذي يهدد حياتك، وأنه يجب معاداته وكراهيته شارك في حلقة الحوار الأولى، خمسة خبراء من مناطق شهدت صراعات في سورية والعراق من أديان وثقافات متنوعة، بالحديث عن تجاربهم في الحفاظ على حب واحترام جيرانهم على الرغم من العديد من الأحداث المروعة التي ألمت بهم، والعنف الذي استهدف المجتمعات الدينية والعرقية هناك؛ إذ تعايشت هذه المجتمعات في سلام لوقت طويل.
واستمع الحضور في حلقة الحوار التالية، قصصًا من أشخاص من المجتمعات الدينية في النمسا حول كيف ساعدت عاداتهم الدينية في تحفيزهم وإلهامهم في حبِّ جيرانهم واحترامهم، على الرغم من الزيادة المقلقة في الشعوبية والخوف من التنوع الآخذ في التصاعد في أوروبا.
و أكَّد الحضور على تحقيق الحلم بمجتمع إنساني متحاب ومتكاتف ومتعاون الكامل، معربين عن ثقتهم بأن أملهم في ذلك لن يضيع؛ إذ يشكِّل الإيمان أهمية كبيرة بالنسبة لأكثر من(84%) من سكان العالم، وسيكون دائمًا وأبدًا قوة هائلة للخير، ستستمر في دفع الناس إلى تقبل نعمة التنوع، والسعي من أجل التعايش السلمي، والتمني لجيرانهم ما يتمنونه لأنفسهم؛ واعتبار ذلك من أولوياتهم قيمهم الدينية والإنسانية في التكافل والتواصل بين أفراد المجتمع الواحد ودائرة مهمة من الدوائر التي تعبِّر عن الفكر الحضاري للأديان، التي تعطي الحق للجــوار بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم وألوانهم- بما يقتضي من الإحسان إليهم وإكرامهم وكفِّ الأذى عنهم، ودعوا لترسيخ هذا المفهوم الإنساني والحضاري، والديني أيضًا الذي يتقرَّب به الأخيار من جميع الأديان إلى القيم الدينية المشتركة، كونها من الأعمال الصالحة، وفي طليعتها: الإحسان إلى الجوار ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم وكفِّ الأذى عنهم؛ والتي من شأنها توطيد تلك الروابط والعلاقات الإنسانية المنشودة.
الرياض - واس