تعد مدينة شكي الواقعة شمال غرب جمهورية أذربيجان بالقرب من حدود جمهورية داغستان الروسية وجمهورية جورجيا. وتبعد حوالي 247 كيلومتراً شمال غرب العاصمة باكو عاصمة بحق متحفا مفتوحاً للعمارة بشكل عام وللعمارة الإسلامية بشكل خاص لما تذخر به من معالم ومساجد وبنايات وقصور ومساجد، كما تتمتع بطبيعة جبلية خضراء تجعل منها وجهة سياحية متميزة.
وتقع مدينة شكي وسط قمم القوقاز الجبلية الكبرى، التي يصل ارتفاعها في بعض الأماكن إلى 3000-3600 متر، ويسود المناخ في شكي هبوب مجموعة من الأعاصير والأعاصير المضادة، هذا بخلاف الكتل الهوائية والرياح المحلية. يبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية في شكي 12 درجة مئوية. تشكل مجموعة الغابات الجبلية المنتشرة في جميع أنحاء شكي حماية من الفيضانات وارتفاع درجة حرارة المنطقة خلال فصل الصيف.
ووفقا للمؤرخين الأذربيجانيين، فيرجع أصل تسمية شكي الى اسم قوم يدعون شاكس (Sakas) الذين وصلوا إلى أراضي أذربيجان في القرن الثامن قبل الميلاد، وSakas هم شعب نازح من الجانب الشمالي للبحر الأسود وجنوب القوقاز الذين احتلوا فيها قدراً واسعاً من الأراضي الخصبة فى منطقة تسمى Sakasena وكانت مدينة شكي واحدة من تلك الأراضي التي احتلها هذا الشعب وقتئذ، كما أن هناك آثار للمستوطنات على نطاق واسع في شكي يعود تاريخها إلى ما قبل أكثر من 2700 سنة.
ومن المعروف أنه قامت على أراضي أذربيجان دول إقطاعية مستقلة بلغت 14 مملكة وخمس سلطنات وحصلت خمس مملكات على استقلالها في قاراباغ وكانت أغلب السلطنات وجميع الممالك تخضع لخانية (مملكة) أو أخرى فخانيات قوتقاشين وإيرين وإيليئو كانت تابعة لخانية شاكي في حين تبعت ملكيون خانية قاراباغ وكانت خانية شاكي التي نشأت على الأراضي الشمالية تعد أقوى خانية تأسست أيام نادر شاه تحت حكم الحاج شالابي الذي قام بتوحيد الأراضي الأذربيجانية تحت خانيته أو على الأقل إعادة بناء دولة شيروان، وكما يذكر كتاب مختصر تاريخ أذربيجان للدكتور محمود إسماعيل والصادر بالتعاون مع مركز جمعة الماجد بالإمارات العربية المتحدة، ومركز الدراسات الإسلامية في باكو (إرشاد)، فليس من باب المصادفة أن يكتب شالابي خان على اللوحة المرمرية المعلقة على حائط المسجد الذي بناه في شاكي هذه الكلمات :" الحاج شالابي سلطان بن قوربان حاكم شاكي وحاكم شيروان عام 1162 هجرية (1748-1749 ميلادية وبعدما توفي شالابي خان عام 1755 فقدت الخانية قوتها نتيجة للمعارك التي استمرت بين الإقطاعيين من أجل الحكم.
ويعتمد اقتصاد مدينة شکي على صناعة الحرير، فيما بين عامي1850-1870، أصبحت شكي مركز إنتاج الحرير الدولي. حيث فتحت أكثر من 200 شركة أوروبية مكاتب لها في المدينة، وتعتمد شكي أيضاً على قطاعها الزراعي، الذي ينتج العنب، والمكسرات، والحبوب الى جانب امتلاكها لمراعي الماشية وانتاج الحليب وغيرها.
وقد لعبت شاكي دائما دورا رئيسيا في الفن الأذربيجاني وبشكل عام في الفن والعمارة من أذربيجان. زينت العديد من الأماكن العامة والمنازل الخاصة في شكي بأشكال خشبية مطعمة بقطع من الزجاج الملون، المبهر في هذه الزينة أنها التصقت معاً دون استخدام الغراء أو مسمار واحد. تقنية معقدة ومعروفة فقط لعدد قليل من الحرفيين في شكي.
وتضم شكي مجموعة كبيرة من المتاحف التاريخية منها متحف يعرض جميع أشكال النباتات والحيوانات التي تعيش في غاباتها الشاسعة، ومنها المتحف التاريخي شكي الخان، وقصر شاكي الخانات الذي أمرر ببنائه الخان حسين مشتا، وكان القصر يعد المقر الصيفي للخانات في شكي، ولا يزال واحدا من المعالم الأكثر شهرة وجاذبية في شكي وتم تشييد القصر في عام 1762ميلادية دون استخدام مسمار واحد في بنائه، وهو واحد من أهم المعالم الأثرية الرائعة لعصره، وتظلل القصر وتحرسه شجرتان معمرتان تسبقانه في العمر حيث يبلغ عمر كل منهما 488 عاماً.
وتمتاز شكي بشوارعها العتيقة ومحلاتها التراثية وفنادقها العتيقة وبناياتها العريقة، وأهلها الطبيين المرحبين بضيوفهم بكل حفاوة شأنهم شأن كل أهل أذربيجان الذين يمتازون بكرم الضيافة الأصيل.
شكي- يونا