عندما كان جراح الحوامدة يتلقى العلاج من مرض سرطان العظام، كان يبقى مستيقظاً طوال الليل، وهو يحلم بمستقبله كمتسلق للجبال، لقد كان في الــ 15 من عمره، وكان يعاني من نوبات طويلة من الأرق، بعد أن قام الأطباء ببتر ساقه اليمنى، ولكن جراح رفض أن يسمح لذلك بتدمير حياته.
كان هذا الطالب اللاجئ من فلسطين، والذي يعيش في جبل الجوفة جنوب العاصمة الأردنية عمّان، مصمماً على أن يقلب وضعه؛ وقد أصبح منذ ذلك الحين متسلقاً معتمداً ومرخصاً، وبدأ هذا الأسبوع أكبر تحد له في التسلق، ألا وهو القيام برحلة إلى معسكر قاعدة جبل إيفرست.
يقول الحوامدة: "لقد منحني ذلك الفرصة لأن أكون ما أشاء؛ لقد جعلني ذلك مميزاً"، مضيفاً: "ليس الجميع لديهم قدم واحدة، وإنني أستخدم قصتي لأبين للعالم، أنه حتى لو كان المرء يواجه المشاكل، فإن بمقدوره أن يتغلب عليها".
وجراح واحد من ستة أبناء ولدوا لوالدين لاجئين من فلسطين في منطقة الجوفة؛ وقد ترعرع وهو يسمع القصص عن فرار أجداده من منزلهم إبان النكبة، وكيف أنهم لم يفقدوا الأمل بإمكانية عودتهم، لقد أثرت قصة أجداده عليه بشكل كبير، ولكنها أيضاً أعطته الإلهام لتحقيق أمور عظيمة، بغض النظر عن العقبات التي تقف في طريقه.
كما أن جراح لم يفقد الأمل أبداً؛ ففي الوقت الذي كان يخضع فيه للمعالجة من السرطان في مركز الملك الحسين للسرطان في عمّان، واصل جراح الذهاب إلى مدرسة ذكور الجوفة التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" كلما استطاع.
وفي ذلك الوقت، كان جراح يستخدم الكرسي المدولب، ولم يكن قادراً على صعود الدرج للانضمام إلى رفاقه في الصف الواقع في الطابق الثاني، ولأنه كان مصمماً للغاية على مواصلة تعليمه، قامت المدرسة بنقل الصف بأكمله إلى الطابق الأول، لكي يستطيع الانضمام إليهم، كما تم أيضاً تعديل غرفة الحمام لكي تستوعب كرسيه المدولب.
وبعد عامين من فقدان ساقه، أصبح جراح متسلقاً بارعاً، مثلما أصبح أول متسلق جبال بطرف اصطناعي من بين لاجئي فلسطين، وفي العام 2015 م، تسلق جراح جبل كليمنجارو، حاملاً رسالة أمل لمرضى السرطان، مفادها أنه "ليس هنالك من شيء مستحيل"، يقول جراح: "أن تكون متسلقاً يحتاج منك أن تضغط كثيراً على نفسك، ليس الجميع بإمكانهم أن يكونوا متسلقي جبال؛ ناهيك عن شخص بساق واحدة".
والآن، ومع تعرض مدرسته لخطر الإغلاق، بسبب التخفيضات الكبيرة في التمويل للأونروا، فإن جراح يعتزم القيام بتحد جديد بالتسلق نحو معسكر قاعدة جبل إيفرست، وذلك من أجل جمع مبلغ مليون دولار، للمحافظة على مدرسته مفتوحة.
وبدأ جراح رحلة التسلق، التي تبلغ حوالي 17.500 خطوة، باتجاه معسكر قاعدة جبل إيفرست في الثاني من إبريل (نيسان) الجاري؛ ومن المتوقع وصوله إلى المعسكر في الــ 20 من نفس الشهر.
القدس المحتلة - يونا