رابطة العالم الإسلامي كانت تشبه بعض المنظمات التي لا تعطي دوراً، ولا تأخده، وهذه ليست رؤية متشائمة، أو انتقاصاً من الأمناء السابقين، بل ظواهر سلبياتها أمام النيران المستعرة في العالم الإسلامي وخارجه كانت واضحة وغير مغيبة.
الدكتور محمد العيسى، أمين الرابطة الحالي، لا أبالغ أن أقول إنه باعث روح هذه الرابطة وحيويتها ليس فقط باختصاصه في الفقه الإسلامي، وإنما بحيويته وقدرته على حشد أهم القيادات الإسلامية بتفرعاتها المذهبية تجاه هدف واحد، هو كيف نجعل من الأطراف المخالفة والمحاربة للإسلام تفهّم محتواه وقيمه، وأنه ليس مُولد الإرهاب أو باعث العداوات مع الآخر من أجل تغيير المفاهيم الخاطئة حوله.
فالذهاب للمؤسسات الدينية الأخرى واللقاء مع رموزها الكبرى بحوارات، بلا مغاليق، أو أحكام مسبقة، أعطى للمنظمة دوراً اعتبارياً وإنسانياً، وكذلك مخاطبة البرلمانات والمنظمات العالمية ودعوتها حضور المناسبات والتجمعات التي تعطي لحوار الأديان تفاعله الحقيقي يعد إضافة مهمة ليس للمملكة حاضنة المنظمة، وإنما للبعد الإسلامي الذي يشكل تابعوه ملياراً وثمانمائة مليون إنسان هم طاقته الكبرى كقوة غير عادية في محركات التعايش والسلام والتفاعل من أجل محاربة العنف والتعصب وكل معرّفات الكراهية التي تسببت في حروب أديان باردة.
ولأن مهمات كهذه تحتاج إلى قدرات بشرية مؤهلة، وطاقات عقلية تخاطب وتشرح أهداف الإسلام، فالمملكة أصبحت المحور في تحمل هذه التبعات لأنها قلب الإسلام وخادمة الحرمين الشريفين، ومن هنا كان لابد من بناء مراكز لحوارات الأديان كمركز الملك سلمان للسلام العالمي الذي تم تأسيسه في ماليزيا قبل أيام.
العبور للعقل الآخر، سواء المسلح بفكر مضاد، أو الذي التبست عنده المفاهيم، أو من اتخذ حكماً مسبقاً من ديننا، لا نستطيع مواجهته إلا بالحقائق الموضوعية، خاصة وأننا في حالة دفاع من سطوة الرأي المضاد، ويكفي أن يقوم إرهابي بتفجير مؤسسة أو دهس عابرين بشارع أوروبي أو إسلامي، أو نسف مسجد أو كنيسة، أن تشعل غضباً كونياً يحتاج إلى مئات المبادرات والطروحات من أجل تبرئة ديننا الإسلامي من عقائد العنف والكراهية، لكن اتباع سياسة النفس الطويل، والوصول إلى مراكز القوى في الإعلام والمؤثرات الأخرى على الرأي العام العالمي، وتحويل الأقليات الإسلامية خارج منظوماتهم وأوطانهم الأساسية، إلى نماذج للتعايش والتفاعل كمواطنين لا غرباء، يعطي دلالات وقناعات أن الإسلام ليس بمن يصورونه عدواً وداعياً للحروب والاقتتال.
منظمة العالم الإسلامي بدأت تأخذ دورها المؤثر خارج محيطنا لأنها حملت أدوات المعرفة، وسياسة الإقناع، والتفاعل مع كل حدث سلبي وإيجابي، وبذلك أصبحت ناطقاً واضحاً لإدراك أننا في محيط عالمي لا نستطيع عزلنا عنه، وبالتالي كانت الوسيلة الناجحة، أن يكون الحوار العميق الأداة الناجحة لمكافحة الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين.
نقلاً عن صحيفة الرياض