قاعدة النجاحات
أوصانا الإسلام بالتعامل الحسن والتسامح مع الآخرين ولم يخص بالذكر المسلمين فقط بل كل من آمن بالله - عز وجل -، ولم يتطلع إلى أذى الآخر كما جاء في محكم التنزيل: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِم"، إذ يعين التسامح على التعايش والأخوة بين الشعوب، وبين الأفراد، ذلك لأن التنافر وعدم التوافق، يقلل من فرص الاتحاد بقوة المحبة، وبالتالي خراب المجتمعات.
ومما جاء في الرؤية الحكيمة، التي أمر بها سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله ووفقه لما فيه خير للمسلمين – وولي عهده الأمين في فقراتها الأولى: "نحيا وفق مبادئنا السلمية، فـنقطـة انطلاقنا نحـو تحقيـق هـذه الرؤيـة هـو العمـل بتلـك المبـادئ، وسـيكون منهـج الوسـطية والتسـامح منهجًا لنا"، مما يدل على تصالحية وتسامحية ضمن بنود هذه الرؤية التي تعزز الفكر الإسلامي المتسم بالوسطية والاعتدال.
الانطلاقة الى العالم
مما ذكر سابقًا، تنطلق رابطة العالم الإسلامي من مكة المكرمة الى البشرية بفكرها المنير وخطتها الهادفة الى إعادة إيضاح الصورة الناصعة لهذا الداعي الذي لطالما دعا الى السلام في مضمون قوله تعالى: "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا".
إن على قيادة هذه الرابطة رجالٌ نذروا أوقاتهم لخدمة هذا الدين، إذ يترأسهم الأمين العام لها معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الذي يضطلع بجهود لها ثقلها على مستوى العالم، مما جعل كبار الشخصيات تشيد بجهود الرابطة ومنهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في تصريحٍ له قال في نصه:
"الرابطة تسعى إلى تحقيق الوحدة بين المسلمين، ونشر الفكر الوسطي السليم، وتحقيق رسالة الإسلام في نشر السلام والعدل، وتنمية التعارف والتعاون بين الشعوب، فيما يعود عليهم بالخير"، إذ جاء حديثه هذا – حفظه الله – لما وجد من أفعال حقيقية تستحق التأييد.
الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في كلمته أمام المجلس الأعلى لرابطة العالم الاسلامي، أعرب عن تثمينه لتحركات هذه المؤسسة في سبيل خدمة الاسلام والمسلمين، وذلك بقوله:
"نُثمِّن جهود الرابطة في تحقيق رسالتها الإسلامية والعالمية، والحراك المبهر لمعالي أمينها العام بالمحافل الدولية، في تعزيز السلام ونبذ الصراع ومحاربة الإسلاموفوبيا"، ونستنتج من هذا الحديث أن الرابطة تمشي على مسار صحيح وبوصلتها تتجه نحو الرشد والعقلانية لتحقيق أهدافها.
نحو العالم
على المستوى العالمي، فإن للشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى التجربة التي وقفت عندها كبرى الأسماء في دول المعمورة، وهذا ما تمخض عن نشاطه الدائم في أصقاع الأرض، وكان آخر هذا النشاط في تايلاند حيث زارها الشيخ العيسى، لتعتبرها القيادات الاسلامية هناك داعمة لصورة الإسلام في المنطقة. وقد ألقى محاضرته في المجلس المركزي الإسلامي بتايلاند بعنوان: (التسامح الديني وبناء الجسور)، والتقى في الوقت ذاته برأس القيادة البوذية في البلاد معتبرًا هذه الزيارة موضحةً لتفهم الوعي الإسلامي للتنوع الإنساني واحترام حقه في الوجود ومن ثم التواصل مع الجميع لتحقيق الصالح المشترك ولاسيما للأقليات الدينية المسلمة، إضافة إلى ذلك فقد منحت جامعة فطاني الإسلامية معاليه الدكتوراه الفخرية تقديراً لجهوده.
وقبلها في جنوب قارة آسيا، حيث التقى معالي الشيخ الدكتور محمد العيسى بمعالي وزيرة الدفاع في جمهورية المالديف السيدة ماريا أحمد دي دي، وخلال اللقاء تعرّف د. العيسى على المركز الوطني لمكافحة التطرف مطلعًا على نشاطاته، ليتحدث بعدها في محاضرة حول سُبُل مكافحة التطرف والإرهاب فكريًا وإلكترونيًا في المالديف.
نتيجة النشاطات
تتعدد الزيارات والمؤتمرات للشيخ العيسى والعاملين في الرابطة، لأجل أسمى الأهداف التي تلتمس الشعوب آثارها الطيبة، وبذلك يتجدد العهد من قيادة الرابطة المتمثلة بمعالي الشيخ العيسى، بما تحدث به، إذ قال في عبارة جامعة:
"سـتبقى رابطتكم عنوانًا عريضًا في سجلنا الإسلامي الخالد، ومهامها مِفصليّةٌ في تاريخ الحضور الإسلامي والإنساني المعاصر".
في الختام، نقطف عامًا بعد آخر ثمار جهود بذلتها رابطة العالم الإسلامي من خلال مبادراتها وأنشطتها الفعالة والمميزة، وما كان ذلك إلا إعلاءً لشأن الاسلام في قلوب غير معتنقيه، ليتلو ذلك التفاهم والتعاون بين أتباع الديانات المختلفة، وبذلك نُشكل عالمًا سالمًا من النزاعات والصراعات، لنجد شعوب بلدانه مترابطة متآلفة، لتدرك بأن تميزها في تنوعها، وهذه رسالة بليغة من الاسلام الداعي الى خير الجميع.