د. عبدالله بن صالح الجميلي
تبنت رابطة العالم الاسلامي من مقرها في مكة المكرمة منهج الحوار مع أتباع الأديان منذ سنوات، وبعد تولي معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى مهام الأمانة العامة، وبفضل الجهود الكبيرة لمعاليه أصبح للرابطة دور رائد في تقريب وجهات النظر بين الأطياف والمِلل وصار لها واسمٌ عالمي في كل انحاء المعمورة.
وكان المنطلق لهذا النهج هو أن الديانات السماوية تتفق في الأصل والجوهر ، فهي جميعها قائمة على التوحيد لله الواحد وتحث الناس على الالتزام بالأخلاق الفاضلة، وتنهى عن ارتكاب المعاصي والذنوب. ذلك ما جاء به رسلها موسى وعيسى عليهما وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام.
يهدف حوار الأديان وملتقى قيادات الأديان إلى التأكيد على القيم الإنسانية النبيلة المشتركة، وأبرزها تكريم الإنسان والاعتراف بحقوقه، كما وتهدف إلى نبذ الكراهية والتعصب الديني بين أهل هذه الأديان، لكونها فرصة حقيقية للتعايش السلمي وحسن الجوار لكي تحل ثقافة المحبة والسلام والتآخي محل الكراهية والتعصب والتطرف.
وتكمن أهمية ملتقى القيادات الدينية الذي ينعقد في الرياض في تقارب الأهداف المشتركة للوصول إلى رؤى مشتركة في المشكلات التي تواجه البشرية، وبذلك ينشأ السلام ويزدهر .
مما نعرف بأن الاسلام دين التسامح والمحبة والسلام، حيث قال رسولنا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم "بعثت بالحنفية السمحة"، مما يدل على أن للتسامح قيمة كبرى في الاسلام نابعة من هذه السماحة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أخوة وتعاضد من غير تفوق عنصر أو جنس على آخر، إذ يدعو ذلك إلى الاعتقاد بجميع الديانات الأخرى، إذ يقول الله تعالى في كتابه الكريم "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله" (البقرة، 285).
وبهذا تنتقل رابطة العالم الاسلامي من مرحلة الحوار بين أتباع الأديان ليتوج مساعيه الآن في ملتقى عالمي يتداعى له قادة الأديان من أماكن مختلفة من العالم، يتواثقون من جديد على أن التعايش بين أتباع الديانات والثقافات الأخرى يمثل حاجة ملحة تتطلبها مصلحة الجميع في مواجهة الكراهية والعنصرية والتطرف وشعارات الصدام الحضاري.
وذلك نهج أوضح معالمه أمين الرابطة حين قال معاليه: "ما أحسن أن يكون الأخ قريبًا من أخيه... حسن الظن يبادره بقبول عذره وتفهم سنة الله في الاختلاف والتعدد مع بيان ما يراه حقًا وصوابًا بالحكمة والموعظة الحسنة دون استعداء ولا استعلاء ولا تشهير، فضلًا عن مجازفات التكفير ونحوه".
هكذا تحقق الرابطة رسالتها السامية في العالم ولله الحمد بما أنعم وأعطى.