حقيقة الاندماج الاجتماعي الإيجابي في المجتمعات الغربية؛ موضوع مهم يصلح أن يكون عنوان كتاب شامل. وهو موضوع الساعة لأنه يتصل بالمسلم المهاجر إلى مجتمع غربي بمحض إرادته.
بادئ ذي بدء فإن المسلم هاجر إلى مجتمع غربي بمحض إرادته الحرة، فهو قد اختار أن يكون مستقبله هناك، ولا شك أن هذه المجتمعات تُديرها دول معينة، ولها قوانين وقيم وعادات تختلف في معظم الأحيان عما اعتاد عليه المهاجر في بلده الأصلي، وبما أن هذه الدول قد فتحت له أبواب العمل أو الدراسة فعليه احترام دستور الدولة وقوانينها، وقيم المجتمع وأعرافه، فهو مُلزم بهذا الاتجاه لأنه جاء إلى هذا المجتمع طواعيةً فيعمل مع بقية العاملين من أبناء البلاد، وعليه أن يكون جزءاً صالحاً لا يتجزأ من هذا المجتمع، فيتعلم لغته، ويحترم قوانينه، فإذا وجد حالات شاذة ففي كل مجتمع مثل هذه الحالات، وإذا لاحظ اتجاهات نحو «الإسلامفوبيا»، أو الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك في داخل المجتمع الغربي إساءة إلى المسيح عليه السلام وكذلك إساءات شائنة إلى السيدة مريم عليها السلام من خلال مسرحيات هزلية، وهناك مفكرون في المجتمعات الغربية يحترمون الإسلام بل ويدافعون عن الرسول صلى الله عليه وسلم. والشاذ لا يُقاس عليه، وعلى المقيم أن يتعامل بروح الإسلام القائمة على التسامح والعدالة واحترام الغير، وبذلك يعطي انطباعاً طيباً عن الإسلام والمسلمين. وبطبيعة الحال قد يظهر شاب مسلم يقوم بعمل إرهابي فهذا لا يعبر عن حقيقة الإسلام، لأنه قابل تكريمه بقبوله في البلاد بسلوك لئيم، كما أن أي شاب غربي إرهابي لا يمثل جميع أفراد المجتمع، ومن خلال السلوك القائم على النزاهة والتسامح واحترام الغير، يتمكن المهاجر من الاندماج الإيجابي في هذا المجتمع المتنوع في حقيقته.
وبعض الأفراد قد لا يندمجون في مجتمعهم الأصلي، فكيف يندمجون في مجتمع آخر، ولذلك فإن الاندماج هو مسألة نفسية وثقافية، وطبيعة الحياة المعاصرة تتطلب الاندماج حتى يعيش الإنسان بسلام مع نفسه ومع الآخرين، والآن تتداخل المجتمعات وتتفاعل اقتصادياً وثقافياً، الأمر الذي يُثبت وحدة الجنس البشري.