محمد الدسوقي
محمد الدسوقي

أحسنتْ الأممُ المتحدة إذْ خصّصتْ يومًا دوليًا للسلامِ، يتشاركُ فيهِ المخلصونَ من دعاةِ السّلم والأمنِ في العالم الاحتفالَ بهذهِ القيمةِ السّامية، ويدْعونَ إلى التمسّكِ بها، ونشرِها في ربوعِ الأرضِ، وبدءِ التعاونِ لإطفاءِ نيرانِ الحروبِ والصراعاتِ والنزاعاتِ، حتّى يضمنَ الإنسانُ في كلّ مكانٍ السلامَ والأمنَ والأمانَ والاستقرارَ في يومهِ وغدهِ.

ويأتي احتفالُ العالمِ باليومِ الدّولي للسّلام هذا العام وسطَ تنامي الصراعاتِ والحروبِ، وتزايدِ أسبابِ الفتنِ والنزاعاتِ في العديدِ من دولِ منطقتنا العربية بصورةٍ غيرِ مسبوقةٍ، تحرّكُها وتغدقُ عليهَا «قوى شرّ» دأبتْ على تغذيةِ أسبابِ الفرقةِ، وإشعالِ فتيلِ الفوضَى، وتبني أذرعٍ إرهابيةٍ تدعمُها بالمالِ والسلاحِ لزعزعةِ استقرارِ دولِ المنطقةِ، طمعًا في مقدراتِها وخيراتِها، وسعيًا لنشرِ أفكارٍ تخريبيةٍ تدميريةٍ تَنْفُذُ من خلالها لتحقيقِ مآربَ خبيثة.
ولا شكّ في أنّ العالمَ أصبحَ يتطلعُ في هذهِ الآونةِ إلى مواقفَ أمميةٍ تدعمُهَا القوى المحبةُ للسّلام، وتتجاوزُ الكلماتِ الاحتفاليةَ والبياناتِ المناسبتيةَ إلى «تعاونٍ دوليّ جادٍ» في مختلفِ المجالاتِ؛ لمواجهةِ أطماعِ تلكَ القوى التي لا تأبهُ بمصالحِ الشعوبِ، ولا تهتمُّ بمستقبلِ أجيالها المقبلةِ، ولا تردعُها الدماءُ الغزيرةُ التي أهدرتْهَا أذرعُهَا الإرهابيةُ من دونِ مبررٍ، أو وازعٍ من أخلاقٍ أو ضمير.
إنّ القوى المحبةَ للسلامِ في العالمِ مطالبةٌ اليومَ، أكثرَ منْ أيّ وقتٍ مضَى، بالاصْطِفافِ خلفَ الدعواتِ المخلصةِ الأمينةِ الراميةِ لتحقيقِ السلامِ الشاملِ في كثيرٍ منْ دُولِنَا العربيةِ، وكسرِ شوكةِ الإرهابيينَ الذينَ يحاولونَ حرفَ مسيرتِها، والنيلَ من أمنِها وأمانِها، وزعزعةَ استقرارِهَا.
هناكَ حاجةٌ ملحةٌ لاجتماعِ القوى المحبةِ للسلامِ على ضرورةِ مواجهةِ المؤامراتِ التي تحيكُها «قوى الشرّ» في الظلامِ، وتستخدمُ في تنفيذِها «الأذرعَ الإرهابيةَ» التي صنعتْها بنفسِها لنفسِها. 
أقلُّ وأدلُّ ما تُوصفُ بهِ تلكَ الأذرعُ الإرهابيةُ أنهم «يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ» تحقيقًا لأهدافِ «قوى الشرّ» وإذعانًا لإرادتِها، وإنفاذًا لمآربِها وأطماعِها.
وعلى الجميعِ أنْ يحْذَرُوا محاولاتِ الغشّ والتزويرِ والتلفيقِ التي ترتكبُهَا تلكَ القوى الشريرةُ بالترويجِ زورًا وبهتانًا لأفكارِها الهدّامةِ، وأهدافِها التدميريةِ، ومآربها التوسُّعيةِ، بالتخفّي وراءَ «شعاراتٍ دينيةٍ» غايتُها خداعُ الناسِ، والظهورُ كمنْ ينافحُ عن الدينِ، ويعملُ لرفعِ رايتهِ، وهوَ منهُم براء، ذلكَ أنّهم يخالفونَ تعاليمَهُ، ويصادمونَ أحكامَهُ، ويخرجونَ على دعوتهِ الدائمةِ إلى السلمِ والأمنِ والتعايشِ الإيجابي بينَ الجميع.
رُبّ متدبرٍ في أحوالِ أمتِنا يلتمسُ ألفَ عذرٍ للدعواتِ الراميةِ إلى دفعِ المجتمعِ الدوليّ لمواجهةِ حازمة حاسمة للأعمال الإرهابية، ومحاصرةِ داعميها من «قوى الشرّ» التي تُسرفُ في الإنفاقِ على مخططاتِ «سرقةِ الأوطانِ».
وهلْ هناكَ أبشعُ من اتخاذِ الدينِ - والعياذُ بالله – مطيةً لتحقيق أهدافٍ مشبوهةٍ تستهدفُ نهبَ مقدراتِ الشعوبِ؟
إنّ هذهِ المناسبةَ تعدُّ فرصةً مهمةً لنكشفَ للعالمِ كلّهِ زيفَ شعاراتِ «قوى الشرّ» المدعيةِ كذبًا أنّها تنطلقُ في ممارساتِها العدوانيةِ منْ قيمِ الدينِ وتعاليمِهِ وأحكامِهِ، لأنّها في الحقيقةِ تنطلقُ منْ حرصِها على مصالحهَا، وسعيهَا لتحقيقِ أطماعِها التوسعيةِ في المنطقةِ منذُ سنواتٍ بعيدةٍ متخفيةً وراءَ شعاراتٍ خادعةٍ، تتساقطُ يومًا وراءَ آخر بفعلِ الجرائمِ التي يرتكبُهَا الأدعياءُ أعداءُ السلامِ.
إنّ احتفالَ العالمِ باليومِ الدوليّ للسلامِ فرصةٌ لتعاونِ مؤسّساتِ الأمةِ، خاصةً السياسيةَ والدبلوماسيةَ والدعويةَ والإعلاميةَ والثقافيةَ، لبيانِ موقفِ الإسلامِ من السلامِ، ودعوتهِ الدائمةِ لنشرِ الأمنِ والأمانِ والمحبةِ والتعاونِ بينَ الناسِ جميعًا، دونَ النظرِ إلى اختلافِ الدينِ أو العرقِ أو اللونِ أو الجنسِ.
إنّ التعريفَ بسلامِ الإسلامِ وأمانهِ وأمنهِ يُسقطُ ادعاءاتِ «قوى الشرّ» وينهي مزاعمَها، ويكشفُ أطماعَها، ويفضحُ مراوغاتِها وتلاعبَها بالشعاراتِ، ويؤكدُ خروجَها عن قيمِ الدينِ وغاياتهِ السامية.
فلمْ يعدْ يخفَى على عاقلٍ أو منصفٍ أنّ الإسلامَ سبقَ مواثيقَ الدنيا كلّها منذُ أكثرَ من ألفٍ وأربعمائةِ عامٍ بالدعوةِ إلى السلامِ؛ باعتبارهِ الأصلَ في جميعِ العلاقاتِ بينَ الناسِ في كلّ زمانٍ ومكانٍ ومجالٍ، قالَ تعالَى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ».. (سورة البقرة: 208).
فأينَ «قوى الشرّ» التي ملأتْ الأرضَ ظلما وعدوانًا وإرهابًا من هذهِ الدعوةِ الإسلامية الكريمة: «ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً»... هلْ أذعنُوا لها أم تراهُم بأطماعهِم التوسعيةِ ومآربهم الخبيثة اتبعوا «خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ» فأهدروا دماءَ الأبرياء، وأرعبوا الآمنين، وخرّبوا الأوطانَ، وشردوا أهلَها؟.  
ولمْ يعدْ يخفَى على منصفٍ أنّ الإسلامَ رسالةُ سلامٍ وأمانٍ ومحبةٍ وسعادةٍ للإنسانيةِ كلّها، وليسَ عدوّا لأحد.
وهذا يضعنا أمامَ تساؤلٍ مهمٍ: أينَ «قوى الشرّ» الساعيةِ إلى نهبِ مقدراتِ الشعوبِ والعبثِ بأمنِها وأمانِها واستقرارِها... أينَ هيَ منْ إقرارِ الإسلامِ «وحدةَ الأصلِ البشريّ»؟
فالناسُ جميعًا – أمامَ الإسلامِ – شركاءُ في الأصلِ البشري، ينتسبونَ إلى أبيهم آدم عليه السلامُ، ولا تفرقةَ بينهمْ بسببِ المعتقداتِ، أو اللونِ، أو الجنسِ، أو اللغةِ، أو العرقِ، ولا فضلَ لأحدٍ على الآخر بغيرِ التقوَى، وهوَ ما حرصَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم على تأكيدهِ والدعوةِ إلى التزامهِ إيمانًا وسلوكًا دائمينِ في الحياةِ، فقالَ في «خطبةِ الوداعِ» مخاطبًا البشريةَ كلّها: «أيُّها الناسُ، إنّ ربّكم واحدٌ، وإنّ أباكُم واحدٌ كلّكم لآدمَ وآدمُ منْ ترابٍ، إنّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكُم...».
وحرصَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم على أنْ يستهلّ خطبةَ الوداعِ مؤكدًا حرمةَ النفسِ البشريةِ، فقالَ: «إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكُم كحرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا...».
فأينَ دعاةُ العنفِ والإرهابِ مروجو الفتنِ والصراعاتِ والنزاعاتِ منْ تعاليمِ الإسلامِ الراميةِ إلى تحقيقِ السلامِ والأمنِ والأمانِ للجميع؟ هلْ التزموا دعوةَ الإسلامِ إلى صيانةِ حرمةِ الدماءِ والأموالِ والأعراضِ؟  
الواقعُ أنهم لمْ يلتفتوا إلى هذهِ الحقيقةِ الإسلاميةِ الساميةِ: «إنّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم». ولا تصلحُ شعاراتُهم الزائفةُ للزعمِ بأنّهم التزموهَا بأيّ حال. 
وأنّى لأحدٍ أنْ يزعمَ أنهم التزموا تعاليمَ الإسلامِ في الوقتِ الذي تشهدُ فيهِ عليهم صواريخُهم، وطائراتُهم المسيرةُ، وزوارقُهم المفخخةُ بأنهم يعيثونَ فسادًا في الجوّ والبرّ والبحرِ.
ومنْ حقائقِ الإسلامِ الدافعةِ إلى التزامِ «السلام» أنّ الناسَ جميعًا أمامَ عدالةِ الإسلامِ سواء، قالَ تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ».. (سورة الحجرات: 13). 
ولا شكّ في أنّ المسلمينَ في كلّ مكانٍ مطالبونَ بأنْ يعوا هذهِ الحقيقةَ، ويلتزموهَا قولًا وعملًا؛ ليدركَ غيرهُم سماحةَ الإسلام، وأنّه دينُ سلامٍ ومحبةٍ، وتعاونٍ وعدلٍ، ويحمي حقوقَ الناسِ جميعًا، ويحفظُ كرامتَهم، ويصونَ أعراضَهم وممتلكاتِهم في مساواةٍ تامةٍ لمْ تعرفْ البشريةُ مثلَها على الإطلاقِ، قالَ تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا».. (سورة الإسراء: 70).
فأينَ دعاةُ العنفِ والإرهابِ مروّجو الفتنِ والصراعاتِ والنزاعاتِ الطامعونَ في حقوقِ غيرهم الساعون إلى سرقةِ الأوطانِ المتآمرونَ لزعزعةِ الأمنِ والاستقرارِ منْ هذهِ الحقيقةِ الإسلاميةِ الساميةِ؟
وهلْ تدركُ «قوى الشرّ» أنهُ منْ ثوابتِ الإسلامِ الخالدةِ على مرّ العصورِ أنّهُ يلزمُ أتباعَهُ بأنْ يمدّوا أيديَهم بالسّلامِ والمحبةِ والتعاونِ والتعايشِ إلى جميعِ الناسِ ما دامُوا يبادلونَهُم المحبةَ والسلامَ والتعاونَ والتعايشَ، قالَ تعالى: «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ».. (سورة الممتحنة: 8).
والإسلامُ في سبيلِ إقامةِ السلامِ وتحقيقهِ للجميع يرفضُ أيّ تهديدٍ لأمنِ المجتمعِ، ويحمي حقوقَ وكرامةَ ودماءَ الجميعِ مسلمينَ وغير مسلمين، ويحثُّ على الرحمةِ والرفقِ واللينِ في التعاملِ، ويشجعُ التعارفَ والتعاونَ والتكافلَ والتسامحَ بهدفِ تكريسِ السلامِ والاستقرارِ في المجتمع، ونشرِ الأمنِ والأمانِ بين الناسِ جميعًا.
إن السلامَ في الإسلامِ ليسَ مجردَ شعارٍ، ولكنّه سيظلّ واقعًا راسخًا معاشًا على مرّ العصورِ، ذلكَ أنّ الإسلامَ جعلَ السلامَ الشاملَ العادلَ أساسَ تعايشِ الشعوبِ، كما أنّ تعاليمَ الدينِ الحنيفِ تواجهُ بحسمٍ أي تهديدٍ لأمنِ وسلامِ المجتمع.
فأينَ دعاةُ العنفِ والإرهابِ منْ هذهِ الحقائقِ الإسلاميةِ الساميةِ؟
إنّ المتدبرَ لآياتِ القرآنِ الكريمِ يجدُ، في مواضعَ كثيرةٍ، حديثًا واضحًا عنْ أهميةِ السلامِ في حياتِنَا، ودعوةً جليةً إلى التزامهِ مع النفسِ والغيرِ.
ومن المواضعِ التي جاءتْ فيها كلمةُ «السلام» في القرآنِ الكريمِ الآيةُ الكريمةُ الدالةُ على أنّ «السلام» من أسماءِ اللهِ الحسنى، قال تعالى: «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ».. (سورة الحشر: 23).
وقد سُميتْ الجنةُ «دارَ السلامِ» وجَعلَها الله تعالَى للمؤمنينَ من عبادِهِ بما عملوا منَ الصالحاتِ.. قال تعالى: «لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ».. (سورة الأنعام: 127).
و»السلامُ» تحيةُ الملائكةِ لأهلِ الجنةِ، حيثُ يحتفونَ بهم، ويُثنونَ عليهِم.. قال تعالى: «وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ».. (الرعد 23 – 24).
و»السلامُ» تحيةٌ متبادلةٌ بين عبادِ اللهِ الصّالحين في الجنةِ، يدلّنا على ذلكَ قولُ الله تعالى: «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيتهُمْ فِيهَا سَلامٌ».. (سورة يونس: 10).
و»السلامُ» تحيةُ المؤمنينَ لنبيهم محمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ.. قالَ تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً».. (سورة الأحزاب: 56).
وجعلَ الإسلامُ «السلامَ» تحيةَ المؤمنينَ بعضهم لبعضٍ في كلّ معاملاتِهم وشؤونِهم.. قال تعالى: «فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً».. (سورة النور: 61).
فأينَ دعاةُ العنفِ والإرهابِ مروجو الفتنِ والصراعاتِ والنزاعاتِ الطامعون في حقوقِ غيرهم الساعون إلى «سرقةِ الأوطانِ» منْ هذهِ الحقائقِ الإسلاميةِ الساميةِ؟
والسلامُ نعمةُ اللهِ تعالى وهديتُه لخاصةِ خلقهِ، وهم الأنبياءُ، قالَ تعالى: «سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ»... (سورة الصافات: 79)... وقالَ تعالى: «سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»... (سورة الصافات: 109).. وقالَ تعالى: «سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ»... (سورة الصافات: 120).
وقالَ ربُّ العزةِ سبحانهُ وتعالى في نبيهِ يحيَى بنَ زكريا عليهمَا السلامُ: «وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا»... (سورة مريم: 15). كمَا قالَ عزّ وجلّ على لسانِ نبيهِ ورسولهِ عيسَى ابنَ مريم عليه السلامُ: «وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا».. (سورة مريم: 33).
وأوضحَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أنّ السلامَ والأمنَ منْ أبرزِ أركانِ السعادةِ، وأهمّ أسبابِها في حياةِ الإنسانِ، فقالَ:» مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي بَدَنِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»... (رواه الترمذي).
إنّ الإسلامَ يعتبرُ سفكَ الدماءِ مسلكًا بغيضًا مجرّمًا لا يريدهُ الله تعالى منَ البشرِ، قالَ تعالى: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا».. (سورة المائدة: 32). 
فأينَ دعاةُ العنفِ والإرهابِ مروّجو الفتنِ والصراعاتِ والنزاعاتِ من هذهِ الحقائقِ الإسلاميةِ السامية؟
لا شكّ في أنّ أعداءَ الإسلامِ يسعونَ لتشويهِ صورتهِ، والنيلِ من غاياتهِ وأهدافهِ، استنادًا إلى تصرفاتٍ خادعةٍ مغرضةٍ منْ بعضِ الأدعياءِ الكاذبينَ المتطرفينَ من جهة، واعتمادًا على  كتاباتِ بعضِ المتعصبينَ الذينَ يحاولونَ عبثًا طمسَ حقائقِ الدينِ الحنيفِ من جهةٍ أخرَى.
لقد حاولَ أعداءُ الإسلامِ مرارًا وتكرارًا إلصاقَ تهمةِ الإرهابِ به؛ ناسينَ أو بالأحرى متناسينَ حقيقةَ أنّ الإسلامَ دينُ سلامٍ وأمانٍ ومحبةٍ ورحمة.
ومنَ الظلمِ إلصاقُ تهمةِ الإرهابِ بالإسلام؛ لأنّ الإرهابَ في حقيقتهِ خروجُ على الشرائعِ، والقوانينِ، والأعرافِ الدينيةِ والدوليةِ. 
واهتمّ الإسلامُ في سعيهِ لنشرِ السلامِ بتوسيعِ دائرةِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ، حمايةً للناسِ من العداوةِ والبغضاءِ والخصامِ والصدامِ.