د. العيسى 
في الوقت الذي صَعَد فيه اليمين المتطرف إلى مفاصل السياسة الأوروبية ومنصّات التأثير فيها، وارتفعت أصوات الكراهية للإسلام "الإسلاموفوبيا"، وأصبحت تلك الأوساط محتقنة ضد كل ما يمت للإسلام بصلة؛ تزيدها من وقتٍ لآخر الأعمال الإجرامية للإرهابيين الذين راهنوا على ردة فعلها المستفزة للعالم الإسلام ككل بتخطيط إجرامي يرمي إلى جرّ الاعتدال الإسلامي السائد في عموم الدول الإسلامية، إلى منطقة الصراع بفعل ردة الفعل تلك بجنوحها الفكري المتطرف الذي عمَّم الحكم على الجميع، كما يقول أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى؛ حيث اعتبر ذلك مكسباً إستراتيجياً للتطرف استغل سرعة ردة الفعل وخطأ التقدير وقصر النظر؛ علاوة على الخطأ الفادح في تعميم الحكم المُشار إليه، بحسب محاضرته في مقر الاتحاد الأوروبي (مارس الماضي).
 
في تلك الأثناء الملتهبة بالمخاوف والكراهية انعكس اتجاه التيار بعد استخدام القوة الناعمة والحوار المتعمّق والحكيم بأدواته التي يُعتقد أنها أحسنت التواصل، حيث أشاد النائب الفرنسي ونائب رئيس لجنة المشرق في البرلمان الأوروبي جيل بارنيو؛ بدور أمين رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى؛ في إطلاق الحوار المعطل في أوروبا والعالم الإسلامي على خلفية الحوار الدائر في المؤتمر الذي عُقد في مبنى الاتحاد الأوروبي الشهر الفائت، والمحاضرة التي ألقاها العيسى؛ على الحضور السياسي والبرلماني والديني والفكري في المؤتمر؛ حيث اعتبر المؤتمرون في توصياتهم أن ورقة أمين الرابطة وثيقة مهمة من وثائق المؤتمر تمّت ترجمتها بلغات الاتحاد الأوروبي. 
 
ونشرت صحيفة "لو بينيون" الفرنسية الشهيرة، تحليلاً لرسالة رابطة العالم الإسلامي من إعداد الكاتب والمحاور باسكال أيرو؛ تحت عنوان (صانع الرأي)؛ حيث قالت الصحيفة في طبعتها الدولية واسعة الانتشار: "تمّ تعيين الأمين العام الجديد لرابطة العالم الإسلامي د. محمد بن عبدالكريم العيسى؛ قبل أشهر وقد كثّف رحلاته الخارجية، وأنه كعالم سعودي معتدل يدعو إلى وسطية الإسلام، ويدعو مسلمي أوروبا إلى السلام بالامتثال إلى قوانين البلد الذي يعيشون فيه، ويدعو في الوقت نفسه أوروبا إلى محاربة "الإسلاموفوبيا" التي يراها أرضيةً خصبةً للمتطرفين لتجنيد الشباب وتأهيلهم عن طريق إثارة عاطفتهم الدينية".
 
وأوضحت الصحيفة ما أجاب به د. العيسى؛ من أن هدف الرابطة هو إظهار حقيقة الإسلام ومواجهة التطرف وتعزيز التعاون والتواصل مع الجميع، وأن التطرف يأتي من عدم فهم الآخر، وأن تدريب الخطباء للعمل في أوروبا لا يكون فقط داخل بلدانهم؛ بل لا بد أن يتدربوا في البلدان التي يريدون العمل فيها، وذلك على تفهم قوانينها وعاداتها وثقافتها واحترامها وإرشاد الجاليات المسلمة.
 
وفي خصوص تمويل المساجد أكّد أن تمويلها في أيّ بلد لا بد أن يكون عن طريق حكومة البلد، فلا بد أن تطلع كل دولة يتم العمل فيها على كامل تفاصيل التمويل بكل شفافية، وأن تعمل كذلك بشفافية.
 
وقال إن الإرهابيين حاربوا علماء المملكة العربية السعودية فكرياً، كما قاموا بمهاجمتها، وإنه من البدايات الأولى لنشأة المملكة حتى الآن مرّ أكثر من ثلاثمائة سنة وهي لا تعرف التطرف الإرهابي إلا في السنوات الأخيرة بفعل دخلاء.
 
وقال: إن الشيعة إخواننا وشركاؤنا في المواطنة في عالمنا الإسلامي ولو مثّلوا أقلية فيه فهذا حقهم، وليس هناك أيّ إشكالات مقلقة معهم حتى جاءت ثورة عام 1979م في إيران، ومن ذلك الوقت بدأت بذرة الفتنة الطائفية في المنطقة فأثّرت في قلة منهم وليس كلهم، وتابع أمين الرابطة في الإيضاح الملحق بالمقابلة مع الصحيفة، بأن كثيراً من إخواننا الشيعة تصدّى للأخطاء الطائفية والفكرية كولاية الفقيه وغيرها، ولهذه البذرة الطائفية إستراتيجية توسع جغرافي من منطلق ديني طائفي، وهو ما لم تفعله المملكة ولا غيرها من الدول السنية.
 
وحول الأهداف السياسية المباشرة لفصيل جماعة الإخوان المسلمين، قال الدكتور العيسى؛ في الإيضاح الملحق بالمقابلة، إن الإسلام لا يوظف لأيّ أهداف سياسية؛ مؤكداً أنه ليس للدولة الوطنية صيغة معينة في الإسلام سوى تطبيق العدالة الإلهية.
الاثنين, 3 أبريل 2017 - 14:13