شعار الرابطة

الــــبــــيــــان الــــخــــتــــامــــي

للندوة الدولية

التعاون والتسامح والحوار الحضاري

 

التي نظمتها

رابطة العالم الإسلامي

 

بالتعاون مع

جامعة العلوم الإسلامية الماليزية "أوسيم"

 

كوالالمبور – ماليزيا

يوم الجمعة (17/رجب/1438ه الموافق 14/أبريل/2017م)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فبعون الله وتوفيقه اختتمت أعمال الندوة العالمية ((التعاون والتسامح والحوار الحضاري)) التي عقدتها رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع جامعة العلوم الإسلامية الماليزية "أوسيم" في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وذلك في يوم الجمعة (17/رجب/1438ه الموافق 14/أبريل/2017م)، بمشاركة جمع من أصحاب الفضيلة العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات من داخل ماليزيا وخارجها.

وقدم المشاركون بحوثهم وأوراق عملهم في محاور الندوة:

* دور المسلمين في الحوار الحضاري والتعايش السلمي.

* تحديات التنوع الثقافي والديني التي تواجه تحقيق الحوار الحضاري.

* النظريات والأساليب العلمية المتبعة في علم الحوار الحضاري.

* دور رابطة العالم الإسلامي في دعم الحوار الديني والحضاري.

وقد افتتح الندوة مدير جامعة العلوم الإسلامية الماليزية بكلمة رحب فيها بمعالي الأمين العام والوفد المرافق له، وأكد على ضرورة تضافر الجهود بين الدول الإسلامية لصيانة الأمة من الأفكار والقيم المنحرفة ورعاية الأجيال الناشئة وبناء شخصيتها وفق المفاهيم الإسلامية الصحيحة التي أعطت كل جانب حقه.

ثم ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى كلمةً شكر فيها الحكومة الماليزية على ما قدمته من تسهيلات لإقامة الندوة، كما شكر جامعة العلوم الإسلامية الماليزية والعاملين فيها على تعاونهم في عقدها، مؤكدا حرص الرابطة الدائم على بيان حقائق الإسلام الصحيحة ومبادئه السمحة، وانفتاحها الإيجابي على كافة الثقافات والحضارات أخذا وعطاء، ودأبها في ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، والتصدي لتيارات الانحراف والضلال، مؤملا أن تقدم الندوة رؤية اسلامية واضحة تبني جسور العلاقات بين أبناء البلد الواحد والمجتمع الواحد بكافة أطيافه ومكوناته، وتحفّزهم على بناء أوطانهم وتحقيق أمنها واستقرارها ورخائها.

ثم ألقى ... ... ... مرحبا بضيوف الندوة والمشاركين فيها، ومقدما شكره لرابطة العالم الإسلامي وأمينها العام على اهتمامهم بقضايا الأمة الإسلامية وجهودهم في تفعيل دورها الحضاري الرائد بين الأمم، ونقلها من بؤرة الصراع المدمر للطاقات والموارد والمضيع للمصالح والمنافع إلى آفاقٍ من التعايش السلمي والتعاون الإيجابي المثمر والتحالف النفعي المتبادل عبر المسارات المشتركة بين الأفراد والشعوب والثقافات المتعددة، وعبّر عن تطلع حكومته إلى الاستفادة من توصيات الندوة بما يسهم في تعزيز الحوار الحضاري ونشر التفاهم والتسامح في المجتمعات.

ودرست الندوة سبل معالجة التحديات والمشكلات التي تعيق العيش المشترك الإيجابي والبناء بين أفراد المجتمع الواحد، وكيفية تعزيز ثقافة الحوار الحضاري بين الناس كافة تحقيقا لمصالح ونفيا لمفاسد.

وأكد المشاركون في الندوة على ما يلي:

1-     التعايش السلمي في المجتمعات ضرورة يقتضيها الحوار البيني والتنوع الفكري والثقافي، وتستلزم رفض أحادية التفكير، والدفع بالقيم الإيجابية المشتركة لتسود الحياة العامة.

2-     الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السلم والعدل والإحسان والتعاون على الخير والحق، قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}[الممتحنة:8].

3-     رسالة الإسلام غنية بالقيم الإنسانية والمبادئ والمثل المودعة فيها، وهي رحمة للناس كافة في جملتها وتفصليها، وتتضمن رصيدا ثريا للبشرية في مجال العلاقات المشتركة، القائمة على التعارف والتواصل والتعاون على الخير بين الشعوب.

4-     الإسلام بقيمه السمحة وأحكامه العادلة ونظمه الشاملة وتجربته الحضارية الفريدة قادر في كل زمان ومكان على تقديم الحلول للمشكلات المزمنة للمجتمعات الإنسانية واستنقاذها من ترديها الأخلاقي والاجتماعي الذي طبعتها به المادية، قال تعالى: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}[الروم:7].

5-     الولاء للدين لا يتعارض مع الانتماء للوطن والتزام التعايش ا إيجابي مع مكونات المجتمع المختلفة في الصالح العام، والمسلمون سواء كانوا أقلية أم أكثرية مدعوون إلى تعزيز وسائل وأسباب التعايش الإيجابي مع الآخرين ومعاملتهم معاملة حسنة، والتعاون معهم في النهوض ببلدانهم ومجتمعاتهم وتحقيق الأمن والسلام والتنمية فيها، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[المائدة:2].

6-     لا يخلو الإنسان من إيجابيات، واستثمار أحسن ما في الناس من قيم وسلوك ومعاملات حسنة هي وظيفة أهل الحق أينما كانوا، وهي ما سار عليه المسلمون عبر تاريخهم في السلم والحرب.

7-     (الأمن الفكري) هو سلامة فكر الإنسان من الانحراف أو الخروج عن الوسطية والاعتدال في فهمه للأمور الدينية والسياسية والاجتماعية مما يحفظ النظام العام ويحقق الأمن والطمأنينة والاستقرار.

واستعرض المشاركون في الندوة البحوث وأوراق العمل المقدمة فيها، وأكدوا على أهمية الانتقال بالحوار الحضاري من مرحلة التعريف والتعارف إلى مرحلة التضامن والتعاون، وطالبوا بتعميق البحوث والدراسات في الموضوعات الإنسانية المشتركة التي تحقق آمال الإنسان وتخفف آلامه وهمومه وتحقق مصالحه، وأوصوا بما يلي:

1-     دعوة المؤسسات العلمية والنخب الثقافية إلى استلهام الدروس من الماضي في صناعة مستقبل واعد بترسيخ مبادئ التسامح والتعايش السلمي بين أتباع الثقافات والحضارات، واستثمار النجاحات في صياغة برامج تطور آليات التعايش وتتجاوز معوقاته.

2-     دعوة رابطة العالم الإسلامي للتعاون مع المؤسسات الرسمية والشعبية في ماليزيا لاسيما مركز الملك سلمان للسلام العالمي، لتنفيذ برامج مشتركة هدفها نشر ثقافة التعاون والتسامح والحوار الحضاري في المجتمعات، وإبراز التميز الحضاري للإسلام والمسلمين في ماضيهم وحاضرهم، وترسيخ قيم الإسلام العليا الداعية إلى المحبة والبر والتسامح والتعايش والوئام، والحيلولة دون أسباب الفرقة والنزاع والكراهية، وتفهم سنة الخالق عز وجل في الاختلاف والتنوع والتعددية، والحفاوة بتعدد المدارس الإسلامية وعالميتها ورحمتها بالعباد.

3-     رفض ثقافة الهيمنة الحضارية التي تعتدي على خصوصية الآخرين وتنال من هويتهم الثقافية، مع التأكيد على أهمية الانفتاح على الآخرين والإفادة من إنجازاتهم الحضارية، والعمل على استعادة الأمة المسلمة مكانتها الحضارية الشاهدة على الأمم.

4-     تطوير الخطاب الحضاري بما يراعي فوارق الزمان والمكان والحدث، ويتلاءم مع ثوابت الإسلام، ويعالج مشكلات المجتمعات المعاصرة، بعيدا عن الانفعال وردات الفعل الآنية التي تغفل عن الآثار البعيدة.

5-     تعزيز التنوع الثقافي الذي يقوي وشائج التعاون الدولي من خلال الحوار والتفاهم بين الثقافات الذي ينتهي الى التحالف بين الحضارات في المشتركات من أجل بناء مستقبل آمن ومزدهر للإنسانية.

6-     تشجيع البحوث والدراسات التي تؤصل لمبادئ الإسلام وقيمه النبيلة وتسعي للتعريف بها ونشرها بين الحضارات، وتفنيد شبهات المتطرفين من كل الأديان ممن يحملون أفكار صدام الحضارات والخوف من الإسلام وكراهيته.

7-     مواجهة ومعالجة تيارات الغلو والتطرف، وكشف جنايتها على الإسلام والمسلمين، وتحصين الشباب من أخطارها بنشر ثقافة الاعتدال والحوار، والنأي بهم عما يؤجج الفتن ويثير عداء الآخرين للإسلام وحضارته وأبنائه.

8-     غرس أصول التعايش لتخرج برامجه عن الموسمية والعفوية والعشوائية والدعائية والعلاقات العامة فاقدة العمق وعديمة الجدوى, وتشجيع جميع المبادرات الفاعلة في ذلك بكل الوسائل والسُبل في التعريف بمبادئ الإسلام الصحيحة, وإرساء مفاهيم الحوار الحضاري والتعاون الايجابي في المجتمع والتسامح وغرس قيم الحوار والتعايش السلمي.

9-     مطالبة المسؤولين بالتصدي لوسائل الإعلام المثيرة لمفاهيم الازدراء والكراهية والتحريض وتأجيج الفتن بين المسلمين وغيرهم، لما فيها من المفاسد، والتنكب عن المنهج السوي بوجوب الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق والتنازع، ودلالتهم إلى الاهتداء بنهج الإسلام في البر والإحسان والتعايش بين المسلمين وغيرهم.

10-   تعاون الهيئات في الرابطة مع الجمعيات والمؤسسات التعليمية والاجتماعية في ماليزيا لمساعدة المسلمين في جنوب شرق آسيا على مواجهة تحديات الفقر والمرض والجهل، وتقديم مشروعات تنموية تسهم في تحسين أحوال المسلمين وتكفل لهم حياة كريمة.

 

وإذ تثني الندوة على تجربة التعايش الحضاري في ماليزيا، وتشيد بما يتمتع به كآفة مكونات المجتمع الماليزي من حرية في مناشطهم الدينية والثقافية، فإنها تشكر جامعة العلوم الإسلامية الماليزية والجهات المتعاونة معها على الجهود والتسهيلات التي بذلت في عقد هذه الندوة المفيدة، وحسن تنظيمها، وتثمن جهود الجامعة في تأصيل قضايا الحوار والتسامح، والدعوة إلى تحقيق التعاون الإيجابي بين كآفة مكونات المجتمع عبر هذه المناشط، ومن خلال المناهج والمقررات الدراسية واختيار الأساتذة الأكفاء وتهيئة بيئة جامعية حاضنة للوسطية والاعتدال ونابذة للتطرف والغلو بكآفة صوره ومفاهيمه.

وتشكر كذلك رابطة العالم الإسلامي على ما تبذله من جهود مباركة في التعريف بمبادئ الإسلام السمحة، ومد جسور التعاون الإيجابي مع الحضارات، وإرساء مفاهيم الحوار الحضاري والتعايش السلمي، وتدعوها إلى إقامة المزيد من المناشط والبرامج التي تعزز الحوار الحضاري والتعايش والتعاون في المجتمعات.

والله الموفق إلى كل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

                                                                صدر في كوالالمبور - ماليزيا

   17/7/1438هـ

   14/4/2017م

الأحد, 30 أبريل 2017 - 13:15